الاحد 25 جمادي الاولي 1447 
qodsna.ir qodsna.ir
خلال المؤتمر الدولي للدراسات الإيرانية تحت شعار «التواصل وحل المشكلات»؛

وزير الخارجية الايرانية الأسبق: السلام والاستقرار هو التهديد الوجودي الوحيد للكيان الصهيوني

رأى وزير الخارجية الايرانية الأسبق محمد جواد ظريف ان التهديد الوجودي الوحيد للكيان الصهيوني هو السلام والاستقرار، لافتا إلى أن أمريكا فشلت في إقامة عالم أحادي القطب رغم كل التكاليف الباهظة التي تكبدتها من أجل تحقيق ذلك.

جاءت هذه التصريحات أثناء مشاركة وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، أمس السبت في المؤتمر الدولي للدراسات الإيرانية تحت شعار «التواصل وحل المشكلات»، لافتا إلى مكانة الدراسات الإيرانية في العالم اليوم ودور الدبلوماسية الثقافية في التعريف العالمي بالجمهورية الاسلامية الايرانية.

 

وأضاف أنه وبععد انهيار العالم ثنائي القطب، توهمت الولايات المتحدة أنها انتصرت في الحرب الباردة، وسعت الى فرض هيمنة أحادية على العالم مبنية على القوة العسكرية، فنفذت سلسلة من الغزوات العسكرية في التسعينيات، بداية من العراق، ثم أفريقيا (السودان والصومال)، وليبيا، وأوروبا (يوغسلافيا السابقة)، وأفغانستان والعراق.

 

وأكمل لافتا إلى أن هدف الولايات المتحدة الامريكية لم يكن مكافحة الإرهاب أو غير ذلك من ادعاءاتها، بل كان استخدام انهيار النظام العالمي القديم لبناء نظام جديد قائم على الهيمنة العسكرية الأمريكية، تَحولَ دون قدرة المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية على تحويل هذا النظام الى نظام متعدد الأقطاب أو ما بعد القطبية.

 

وشدّد ظريف قائلا: "لقد عجزت أمريكا، رغم التكاليف العسكرية الضخمة والباهظة التي حملتها على عاتقها وعلى شعوب العالم، من فرض هيمنتها الأحادية، حتى أن تقرير لجنة الدراسة المعروفة في الكونغرس الأمريكي عام 2006، والمعروف باسم تقرير دراسة العراق، أكّد أن القوة العسكرية لم تُحقّق لأمريكا أهدافها".

 

إيران تواصلت مع العالم بالثقافة واللغة وليس بالقوة العسكرية

 

وأكّد ظريف على أن اوروبا سعت عبر مسار وضع المعايير (norm-setting) لحضور أكثر فعالية في العلاقات الدولية، وقد نجحت في ذلك الى حد كبير، ولا تزال متقدمة على أمريكا حين يتعلق الأمر ببناء إجماع دولي حول قضية معينة. لكن السياسة الخاطئة للغاية المتمثلة في دعم جرائم واعتداءات الكيان الإسرائيلي في غزة ولبنان وسورية واليمن وإيران، وضعت الأوروبيين في موقف يمنعهم من الاستمرار في لعب الدور الذي اكتسبوه في التسعينيات وبداية القرن الجديد كصانعين للمعايير العالمية. مع ذلك، اختاروا المنافسة في المجال الدلالي، أي خارج نطاق القوة المادية أو الاقتصادية أو العسكرية.

 

وأوضح ظريف: "القوة المعيارية هي نوع من القوة الرمزية أو الدلالية، وقد استطاع الأوروبيون فيها أن يكون لهم حضور فعّال. أما الصينيون، فقد خططوا بدقة واتبعوا نهجا تدريجيا، وبذلك انتقلوا من التجارة الى الاقتصاد، ثم الصناعة، ثم الابتكار، واستطاعوا أن يبرزوا كقوة مؤثرة دوليا".

 

وتابع: "إن هذه العلاقات الجديدة الناشئة في ظل تنوع مصادر القوة على الصعيد العالمي، قد أتاحت فرصة لدول مثل إيران، التي تمتلك ثقافة ورسالة قويّتين، لتعزّز حضورها في الساحة الدولية. في الحقيقة، لم تكن هذه فرصة جديدة، بل كانت متاحة أمام الإيرانيين منذ القدم، حيث فتحوا العالم عبر حافظ وفردوسي وسعدي ومولانا جلال الدين وغيرهم من الشعراء والأدباء والعلماء".

 

وأكمل: "إيران تواصلت مع العالم عبر اللغة والآداب والثقافة والفن وليس بالقوة العسكرية. وقد اكتسب هذا التواصل دافعا جديدا بعد انتصار الثورة الإسلامية، إذ استطاعت إيران، حتى قبل انهيار النظام ثنائي القطبية، أن تقدّم للعالم رؤية جديدة ومنهجا جديدا وقاعدة جديدة يمكن أن توفّر لإيران علاقة أقوى في النظام العالمي الجديد".

 

المشروع الأمريكي لإرساء عالم أحادي القطب

 

وقال ظريف: "فور انهيار العالم ثنائي القطب وجدت إيران فرصةَ أداء هذا الدور، خاصة عندما أثبت غزو صدام للكويت زيف الادعاءات المغرضة واثبت شرعية إيران في الحرب المفروضة عليها (الحرب الايرانية-العراقية /1980-1988). وانهار الادّعاء الكاذب بأن إيران تهديد للمنطقة، فحصلت إيران على فرصة للتنفّس واستمرار نشر قوتها المبنية على ثقافتها ورسالة الثورة الإسلامية".

 

وأضاف: "إن حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي لم ينشؤوا حين كانت إيران تملك قوة عسكرية، بل تأسّسوا حين كانت إيران في حالة ضعف عسكري بمواجهة القوة العسكرية للعراق والتي كانت مدعومة من العالم أجمع. ولقد كان الدافع الحقيقي هو الرسالة الثورية وأصالة الثورة الإسلامية وشعار الكرامة والعزة التي أطلقت حركة في العالم الإسلامي، استمدت قوتها من الوعي الذاتي والثقة بالنفس، وهدفت إلى النهضة والسلام".

 

وشدّد ظريف: "إذا نظرتم إلى الدعاية الصهيونية وصناعتها للسرد، ستجدون أن شخصية مثل رابين اضطر لاختراع عدو جديد لكي يبرر لمجتمعه الصهيوني مفاوضاته مع العرب، وكان هذا العدو الجديد هو إيران. أنا لا أقول هذا الكلام من عندي، بل راجعوا موسوعة "إيرانيكا" التي حرّرها الأستاذ يارشاطر، واطّلعوا على المقال الذي كتبه كلٌّ من تريتا بارسي وديفيد مِناشيري، وهما يقولان ان رابين أراد تهدئة المجتمع الصهيوني تجاه المصالحة مع العرب، فاحتاج الى صنع عدوٍّ جديد فاختار إيران".

 

كذبة نتنياهو

 

وتابع: "لقد تمّ تحويل رواية التوراة حول نجاة اليهود في بابل الى سرد كاذب يدّعي وجود عداوة تاريخية بين إيران واليهود، باستخدام شخصيات مثل أستير ومردخاي وهامان. في المرحلة الأولى من هذه الحملة، رُكّز الاهتمام داخل الكيان الصهيوني، ثم اتسع الأمر ليشمل العالم والعرب".

 

وذكر ظريف: "لقد كانت الرسالة الموجّهة للعالم هي التهديد النووي الإيراني. كذبة مفادها أن نتنياهو عام 1995 اعلن و قبل أن يكون لإيران حتى برنامج لتخصيب اليورانيوم، أن إيران على بعد ثلاث سنوات من صنع قنبلة نووية. وفي عام 1997، صرّح أمام الكونغرس الأمريكي أن إيران ستمتلك سلاحا نوويا قبل انتهاء القرن العشرين. "

 

وأكمل :"لقد مَرّ الآن 25 عاما على انتهاء القرن العشرين، وحتى قبل أشهر قليلة فقط، زَعموا بعد هجومهم على منشآت إصفهان ونطنز وفوردو أن إيران كانت على بعد أسابيع من امتلاك السلاح النووي، أي أن المدة امتدت من 25 عاما الى بضعة أشهر فقط! "

 

وأردف بالقول: "لماذا قيل هذا الكذب؟ لماذا تمّ تصوير إيران كتهديد وأمننتها؟ هذه مسألةٌ أكاديمية علمية؛ اقرؤوا الكتب التي كتبها أستاذة مدرسة كوبنهاغن حول 'الأمننة' (securitization). أعتقد أنهم كتبوا هذه الكتب انطلاقا من سلوك الكيان الإسرائيلي، ليس لأن هذا الكيان حالة دراسية للأمننة، بل لأن مفهوم الأمننة نفسها وُجِد ليبرر ما تقوم به الكيان الإسرائيلي منذ عقود. فهذا الكيان أولا أمَّن أوروبا، لا أقول إن الهولوكوست كذبة، بل كانت جريمة ارتكبها الأوروبيون، ولكن ما ذنب الشعب الفلسطيني البائس ليدفع ثمن هذه الجريمة؟ "

 

وأشار: "لماذا يعتقد الأوروبيون أنه عندما يرتكبون جريمة، فإن شخصا آخر يجب أن يدفع ثمنها؟ هذا مبنيٌّ على فلسفةٍ ترى أن الأوروبيين هم معيار الصواب والخطأ في الأخلاق، ولذلك يدّعون أنه لا يجب عليهم دفع ثمن جرائمهم، بل يدفعها الآخرون".

 

الأمننة لعبة سردٍ زائف

 

وأكد ظريف: "لعبة أمننة إيران هي لعبة سردٍ زائف، وقد سحبت العالم الى حافة خطرٍ جسيم يتمثّل في حرب إقليمية. وإذا لم يتم كشف هذا الكذب والإفصاح عنه، فسيستمر أولئك الذين تقوم حياتهم على الحرب في لعب هذه اللعبة".

 

وقال: "أكبر تهديد لا بل التهديد الوحيد لبقاء الكيان الصهيوني وديمومته هو السلام والاستقرار. فكلما طُرحت فكرة السلام، عارضها الكيان الصهيوني. لماذا كان الكيان الصهيوني أكثر المعارضين للاتفاق النووي (الملف النووي)؟ ألم يكن هدف الاتفاق سوى إقرار السلام في المنطقة؟ "

 

وأضاف وزير الخارجية الإيراني الأسبق: "لماذا شنّ الكيان الصهيوني هجوما على إيران قبل يومين من الجولة السادسة من مفاوضات إيران وأمريكا؟ لأن السلام يُعدّ خطرا وجوديا لهذا الكيان، ولأنه صنع سردا كاذبا وغير قائم على أساسٍ ليبرر سياسته.

 

وتابع : نحن الإيرانيون وأنتم الباحثون في الشؤون الإيرانية نعرف أن إيران موطن حافظ، الذي يرى ان أسلوب الحياة وعاداتها لا في الصرامة، بل في الكرم واللطف حين قال :مع الأصدقاء سخاء، ومع الأعداء حكمة.

 

وأضاف ظريف : إيران مسقط رأس سعدي، الذي قال: إذا واجه أحد أجزاء الجسم مشكلة، فسوف يسبب ذلك مشاكل في عمل الأجزاء الأخرى. هذه هي رسالة إيران الحقيقية، أما الكيان الإسرائيلي فقد صنع رسالة كاذبة لتبرير إبادته العرقية واعتداءاته اليومية ضد شعوب فلسطين ولبنان وسورية وتونس... ابحثوا عن دولةٍ لم ينفّذ فيه الكيان الإسرائيلي عمليات إرهابية! "

 

لم نتمكن من تقديم صورة الشعب الايراني الحقيقية للعالم

 

وأقرّ وزير الخارجية الإيرانية الاسبق قائلا: "الكيان الصهيوني هو الدولة الوحيدة في غرب آسيا التي تمتلك السلاح النووي بشكل غير قانوني، بينما إيران كانت مبادِرةَ فكرة منطقة خالية من الأسلحة النووية في غرب آسيا، وتُخضع جميع منشآتها للبروتوكول الإضافي، ولقد أُجريَ في إيران أكبر عدد من عمليات التفتيش في تاريخ الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما ان هناك اتهامات حتى بأن احد رؤساء الولايات المتحدة تعرض للاغتيال لأنه عارض برنامج الأسلحة النووية لدولة أخرى. "

 

وأضاف ظريف: "في معركة السرد هذه، فشلنا في تقديم الصورة الحقيقية عن شعبنا الطيب والمقاوم والضيّاف، شعب كانت سياسته دائما التآزر والتفاعل. فطوال التاريخ، لطالما كانت إيران مركز تلاقٍ وتبادل حضاري، وكل من دخلها اكتسب لون ثقافتها وصار إيرانيا، وهذه دلالة على قوة هذه الثقافة واقتدارها. لكن للأسف سُمِحَ للسرد الكاذب عن هذه الثقافة أن ينتشر في العالم عبر مسؤولين كذَّابين مجرمين".

 

إيران لن ترضخ للتهديدات

 

وأوضح ظريف قائلا: "الإيراني لا ولن يرضخ أمام التهديدات، لكنه متواضع أمام الاحترام. في تراثنا الإيراني والإسلامي، نقول: 'كن متكبّرا أمام المتكبّر، وكن متواضعا أمام من يطلب الحوار'. الطريق المفتوح دائما هو طريق الحوار. "

 

واختتم ظريف كلمته قائلا: "إذا أزلنا هذه الأكاذيب، وإذا لم نسمح لأحد أن يستخدم ماضيا كاذبا ليبني منه ستارا يحجب مستقبل الفرص والإمكانيات، فسيكون هناك أمام إيران والمنطقة والعالم أجمع طريق مشرق جدا، وأنتم أيّها العلماء هم فاتحو هذا الطريق. "


| رمز الموضوع: 410752







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. أكثر من ألف فنان ينضمون لحملة "لا موسيقى للإبادة" لمقاطعة دولة الاحتلال
  2. كيف تشاهد العالم البث المباشر عراقجي: الشعب الايراني محب للسلام لكنه يجعل المعتدي يندم على عدوانه
  3. السيد ياسين الموسوي: الشعب أسقط مشروعاً أمريكياً – إسرائيلياً لإعادة تقسيم المنطقة
  4. غزة: غارات للاحتلال على رفح وخان يونس ومدينة غزة وعمليات تجريف شرقي جباليا
  5. "اليونيفيل" تندد بأعمال بناء إسرائيلية داخل لبنان: تنتهك القرار الـ1701
  6. خطيب جمعة طهران يدعو لرفع شكوى ضد ترامب في المحافل الدولية
  7. "الإندبندنت": أكثر من 11 ألف جندي إسرائيلي يعانون صدمات نفسية منذ حرب غزة
  8. الشيخ نعيم قاسم: المقاومة ضمانة لبنان وسيادته ولن نركع أمام العدوان الأميركي والإسرائيلي
  9. رئيس اللجنة الأمنية العليا للانتخابات العراقية: تنسيق أمني عالي المستوى مع إقليم كردستان لتأمين الانتخابات
  10. العميد جلالي: بنيتنا التحتية الصاروخية تحت الأرض سليمة ولم تمس
  11. صنعاء تعلن تفكيك شبكة تجسسية تعمل لمصلحة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والسعودية
  12. الأمم المتحدة: المستوطنون نفذوا 264 هجوماً على الفلسطينيين في الضفة الغربية في شهر
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)