qodsna.ir qodsna.ir

عراقجي: الشعب الايراني محب للسلام لكنه يجعل المعتدي يندم على عدوانه

أكد وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي أنه لا قانون في الغابة التي خلقتها اميركا، ويجب أن نكون اقوياء للدفاع عن انفسنا، وقال: رغم ان الشعب الإيراني شعب محب للسلام ، إلا أنه في خضم الحرب يصمد حتى النهاية ويجعل المعتدي يندم على عدوانه.

جاء ذلك في كلمة القاها عراقجي اليوم الاحد في المؤتمر الدولي المنعقد بعنوان "القانون الدولي في ظل الهجوم والعدوان والدفاع" في مركز الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية.

*القانون الدولي يتعرض لهجوم شامل

وصرح قائلاً: في الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، وبينما كان من المتوقع أن نشهد التزاما بمبادئ وأسس القانون الدولي كفضائل عالمية، والحفاظ على إنجازات المجتمع الدولي في هذا المجال أكثر من أي وقت مضى، نشهد للأسف هجوما شاملا على هذه المبادئ من قبل قوى الهيمنة.

واضاف وزير الخارجية: نواجه اليوم حقيقة لم يعد بالإمكان تجاهلها أو عدم الحديث عنها: القانون الدولي يتعرض لهجوم شامل. يواجه العالم تحديات عميقة للغاية، واتجاهات مثيرة للقلق، وتغيراتٍ استراتيجية غير مسبوقة على مختلف المستويات.

*استخدام الوسائل العسكرية قاعدة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية لبعض الدول

وأضاف رئيس السلك الدبلوماسي: لقد تعرضت الأسس المتينة للقانون الدولي لهجماتٍ غير مسبوقة من قبل قوى كان من المتوقع أن تكون وصية عليه، بصفتها مُطالبة دائمة بهيكل النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية. حتى البنية المعيارية المعروفة منذ تأسيس الأمم المتحدة قد غرقت في فوضى عارمة، لدرجة أنه بدلًا من أن تكون "الحرب والعنف" استثناءً و"السلام والتعايش" قاعدة، أصبح العنف والحرب معيارا جديدا في العلاقات الدولية، وأصبح استخدام الوسائل العسكرية قاعدة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية لبعض الدول.

وقال: إن الوضع الراهن هو ثمرة ونتيجة للاتجاهات المخالفة للقانون الدولي، والتي انتهجتها للأسف الولايات المتحدة وبعض حلفائها في السنوات الأخيرة، لصالح النظام الغربي، رافعة شعار "النظام الدولي القائم على القواعد rules-based international order " بدلًا من "النظام الدولي القائم على القانون law-based international order ".

* النظام الدولي القائم على القوة للولايات المتحدة وبعض حلفائها

وتابع عراقجي: لقد فُسِّر النظام القائم على القواعد عمليا بناء على النوايا والأهداف والخطط والمصالح العابرة والموسمية للدول الغربية والتي هي بشكلٍ رئيسيٍ ضد القانون الدولي، ووُضع بأكثر الطرق انتقائيةً، كأداة في يد الهيمنة الأمريكية والغربية الثملة.

وأضاف: "للأسف، لم يتم الالتفات إلى التحذيرات والانذارات العديدة التي أطلقتها شخصيات دولية بارزة ودول مختلفة، بما في ذلك دول الجنوب العالمي، بشأن الحاجة إلى العودة إلى القانون الدولي القائم على العالمية والمساواة ورفض القوة والتمييز، لدرجة أن الحديث اليوم عن النظام القائم على القواعد أصبح أقل، وفي الممارسة العملية نشهد جهودا لبناء "نظام دولي قائم على القوة force-based international order " من قبل الولايات المتحدة وبعض حلفائها".

*العودة إلى شريعة الغاب

وأضاف كبير الدبلوماسيين الإيرانيين: جاء الرئيس الأمريكي إلى البيت الأبيض حاملاً عقيدة "السلام بالقوة". ولم يمضِ وقت طويل حتى اتضح أن هذه العقيدة، في جوهرها، كانت بمثابة رمز عملياتي وغطاء لإطار عمل جديد: "الهيمنة بالقوة"، أي القوة المجردة.

وأضاف عراقجي: "ما يردده المسؤولون الأمريكيون اليوم مرارا وتكرارا ودون أي تستر لا يترك مجالًا لتفسير هذه الحقيقة. يقول الرئيس الأمريكي بوضوح إن أمريكا لم تعد ترغب في التصرف بناء على اعتبارات سياسية صحيحة وفي إطار القانون الدولي، بل تريد ببساطة أن تكون "رابحة". هذا البيان هو أمريكا المهيمنة، وعمليا عودة إلى شريعة الغاب.

 

 

*إن لم تكن شريعة الغاب، فماذا إذن؟

وقال وزير الخارجية: في هذا البيان، يصبح وزير الدفاع وزيرا للحرب، وتُعاد تجارب الأسلحة النووية إلى جدول الأعمال. الرئيس، الذي يُطلق على نفسه اسم رئيس السلام، يُهاجم أينما شاء تعسفيا ودون أي سبب أو مبرر، ويأمر بإخلاء المدن، ويطالب بالاستسلام غير المشروط، وينتهك ويُمزق جميع القوانين الدولية، حتى التزامات الرؤساء الذين سبقوه.

وأضاف عراقجي: إن هذه العملية من الاستخدام المُفرط والمتهور للقوة والهجوم المُستمر على أسس القانون الدولي، إن لم تكن قانون الغاب، فما هي إذن؟ من أي زاوية تنظر إليها، لا يُمكن لهذه العملية بالتأكيد ولا ينبغي أن تستمر.

*لا يوجد قانون في الغابة التي خلقتها الولايات المتحدة

وقال: تُشير أحدث الإحصائيات المنشورة إلى أن الميزانية العسكرية العالمية قد اقتربت من رقم غير مسبوق قدره 3 تريليونات دولار، مما يُظهر أعلى نمو في العقود القليلة الماضية. في عام 2024 وحده، تم تخصيص ما يزيد عن 7% من ميزانيات الحكومات في المتوسط للعسكرة، وتُقدر النسبة لعام 2025 بما لا يقل عن 10%. تشمل هذه الزيادة جميع المناطق الجغرافية في العالم، وهو ما لن يؤدي إلى نتيجة واحدة لا اكثر: الحرب والعنف وانتشار التوتر على نطاق أوسع. والسبب واضح، ففي الغابة التي خلقتها أمريكا، لا يوجد قانون ويجب أن تكون قويا للدفاع عن نفسك.

وتابع رئيس السلك الدبلوماسي: نتيجة لهذه العسكرة المفرطة، نشهد اليوم تصدعات جيوسياسية واسعة النطاق، وتنافسا متزايدا بين القوى العظمى، وتطوير الصواريخ والترسانات النووية والأسلحة الهجومية، وتسليح التقنيات السلمية مثل معدات الاتصالات التقليدية، والصراعات العابرة للحدود بين القوى الإقليمية متوسطة الحجم، والفوضى متعددة الطبقات في النظام الدولي والإقليمي، وانخفاض التقارب الاقتصادي والثقافي وحتى العسكري بين الدول، والأهم من ذلك، تهميش الدبلوماسية.

*اطلاق النار على طاولة المفاوضات الإيرانية الأمريكية

وقال: الحقيقة هي أنه عندما هاجم الكيان الإسرائيلي إيران في 13 يونيو (حزيران) بناءً على أمر وتوجيه من الرئيس الأمريكي، أُطلقت القنابل الأولى على طاولة المفاوضات الإيرانية الأمريكية، وهي مفاوضات عُقدت لخمس جولات، وكان من المقرر عقد الجولة السادسة بعد يومين، اي في 15 يونيو. وكانت الدبلوماسية أول ضحية لحرب الـ 12 يوما.

*تعتمد إسرائيل على "شيك على بياض" وقّعته واشنطن وبعض الدول الأوروبية

وأضاف عراقجي: إن منطقة غرب آسيا، باعتبارها من أكثر مناطق العالم دولية، هي الضحية الرئيسية لهذا الوضع المأساوي، وقد تأثرت تطوراتها بشكل مباشر بالاتجاهات المذكورة. في الواقع، إن التطورات في هذه المنطقة، وخاصة خلال العامين الماضيين، هي انعكاس كامل لهذه الاتجاهات الخطيرة المناهضة للسلام والمناهضة للقانون الدولي.

وتابع: لا يخفى على أحد كيف يسعى نظام تل أبيب، بصفته عميلًا وتابعا للولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا، إلى تحقيق طموحاته الجيوسياسية اللامحدودة والخطيرة عبر مهاجمة أوضح أسس القانون الدولي. واستنادا إلى شيك على بياض وقّعته واشنطن وبعض الدول الأوروبية، وبتشجيع من مليارات الدولارات من الأسلحة والمعدات العسكرية من حلف الناتو والغرب، والحصانة التي وفروها له في المحافل الدولية، ارتكب هذا الكيان ولا يزال يرتكب أبشع الجرائم ضد الإنسانية، من قتل واغتيال وإبادة جماعية وتطهير عرقي.

*لا توجد دولة في مأمن من طموحات الكيان الإسرائيلي للهيمنة العسكرية والأمنية في غرب آسيا

وقال وزير الخارجية: لقد هاجم هذا الكيان سبع دول خلال العامين الماضيين، وبالإضافة إلى فلسطين، احتل مناطق جديدة في دول أخرى، بما في ذلك لبنان وسوريا، ويتحدث بلا خجل عن إعادة صياغة نظام منطقة غرب آسيا و"إسرائيل الكبرى". واليوم، بات من الثابت أن لا دولة في مأمن من طموحات الكيان الإسرائيلي للهيمنة العسكرية والأمنية في منطقة غرب آسيا.

 

 

 

*الكيان الاسرائيلي اغار على الدبلوماسية

وأشار إلى أنه بنفس المنطق، وفي إطار أوهامها وطموحاتها الجيوسياسية، وتحت القيادة والتوجيه الكاملين للولايات المتحدة، وكما اعترف رئيسها مؤخرا، في منتصف ليل 13 يونيو/حزيران، قبل يومين فقط من الجولة السادسة من المحادثات النووية في مسقط، هاجم الكيان الإسرائيلي الدبلوماسية وإمكانية التوصل إلى اتفاق بالطرق السلمية.

وقال: إن عدوان الكيان الصهيوني على الأراضي الإيرانية، واستشهاد عدد من المدنيين واغتيال القادة في منازلهم، واستهداف المنشآت النووية السلمية، لم يكن انتهاكا لأوضح مبادئ القانون الدولي والبنود المتكررة في ميثاق الأمم المتحدة فحسب، بل كان أيضا هجوما شاملاً على نظام الضمانات ومنع الانتشار.

وقال وزير الخارجية: "في الذكرى الثمانين لكارثة هيروشيما وناغازاكي، ارتكبت الولايات المتحدة جريمة أخرى وأصبحت مرة أخرى التهديد الأول للسلام والأمن العالميين بهجماتها العدوانية والمارقة وغير المسؤولة على المواقع النووية السلمية الخاضعة لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأراضي الإيرانية".

*سنصمد حتى النهاية في خضم الحرب

وقال عراقجي: انطلاقا من حقها المشروع في الدفاع عن أرضها وشعبها ضد أي عدوان غير مشروع، لم تكتفِ الجمهورية الإسلامية الإيرانية بصد المعتدين، بل أظهرت أيضا من خلال الضربات القاسية التي وجهتها للمعتدي أنه على الرغم من أن الشعب الإيراني شعب محب للسلام، إلا أنه يصمد حتى النهاية في خضم الحرب ويجعل المعتدي يندم على فعلته. لقد رأى الجميع كيف تحولت رسالة "الاستسلام غير المشروط" في غضون تسعة أيام إلى طلب "وقف إطلاق نار غير مشروط"، وتبددت الأوهام الأولية حول الشعب الإيراني والجمهورية الاسلامية الإيرانية.

وأضاف: "لطالما كان سلوك ايران، بصفتها أحد مؤسسي الأمم المتحدة، متوافقا تماما مع القانون الدولي. ويستند البرنامج النووي الإيراني أساسا إلى حقوقنا المعترف بها في المادة الرابعة من معاهدة حظر الانتشار النووي. إن تطوير التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، بما في ذلك التخصيب، حقٌّ غير قابل للتصرف للشعب الإيراني؛ حقٌّ لم نحيد عنه أبدا. لقد خضعت إيران بشكل كامل لنظام التحقق الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية لسنوات، والتزمت بجميع الالتزامات الفنية".

*التزمنا بتعهداتنا بموجب الاتفاق النووي

وتابع: بعد الاتفاق النووي لعام 2015، التزمت جمهورية إيران الإسلامية التزاما كاملًا بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي وقرار مجلس الأمن رقم 2231، ويؤكد 15 تقريرا متتاليا للوكالة الدولية للطاقة الذرية ذلك. كانت الولايات المتحدة هي من انسحبت من هذا الاتفاق من جانب واحد ودون أي سبب، وليست إيران. لو التزمت الولايات المتحدة بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي، لكنا في وضع مختلف تماما اليوم.

* الحق الأصيل في الدفاع عن النفس

وقال: إن رد إيران على عدوان الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة نُفذ بدقة استنادا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، أي "الحق الأصيل في الدفاع عن النفس". وقد صُممت عملياتنا الدفاعية وفقا لمبادئ الضرورة والتناسب والتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية. التزمت إيران، حتى في ذروة التهديد والعدوان، بمعايير القانون الإنساني الدولي. وعلى عكس الكيان الإسرائيلي الذي يرتكب مجازر بحق مئات المدنيين بأدنى ذريعة، لم تستهدف أيٌّ من أفعال إيران المناطق السكنية أو المدنيين.

وأشار عراقجي إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أثبتت أنها في جميع الأزمات والصراعات تتبع نهج القانون، بينما انتهك المعتدون ميثاق الأمم المتحدة ونظام منع الانتشار ومبادئ العدالة، بل وحتى قواعد القانون الدولي أمام انظار العالم.

* القانون الدولي لا يزال حيًا

وقال: إن القانون الدولي، وإن تعرض لهجمات جبانة، لا يزال حيا، بالطبع، شريطة أن ندافع عنه جميعًا. والتحديات التي ذكرتها سابقا، بطبيعة الحال، تنطوي أيضا على فرص كبيرة، بما في ذلك الوعي العالمي والإقليمي بالوضع الخطير الراهن، وإرادة عالمية موحدة للشمولية، وتجنب العسكرة، والتعاون القائم على المصالح الجماعية.

واضاف: يجب علينا جميعًا العودة إلى نهج قائم على العودة إلى الإنجازات الإنسانية القيّمة في مجال الشرعية، وحظر القوة والعدوان، وتعزيز جوهر ميثاق الأمم المتحدة.

وصرح عراقجي: إذا لم يتم إيقاف هذا التوجه الخطير المتمثل في الخروج على القانون، والسلوك الخارج عن القانون، واستخدام القوة السافرة اليوم، فقد نشهد جميعا تجارب مريرة أكثر في المستقبل.

*العالم والمنطقة يقفان اليوم عند مفترق طرق بين خطابين

وقال وزير الخارجية: يقف العالم والمنطقة اليوم عند مفترق طرق بين خطابين: خطاب الهيمنة والتفوق، واستخدام القوة والأمننة، والعسكرة، والحرب، والعنف، وباختصار، قانون الغاب، من جهة؛ والخطاب العالمي القائم على القانون والحقوق الدولية الشاملة، والمساواة القائمة على التقارب والحوار والسلام في إطار جماعي، من جهة أخرى. تؤمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالمسار الثاني، وهي مستعدة للقيام بدورها في مسار إعادة النظام العالمي إلى نظام عالمي قائم على القانون، بالتعاون مع دول الجنوب والحكومات المسؤولة.

*إيران تسعى إلى منطقة قوية قائمة على التفاهم المشترك والأخوة والسلام

وأضاف رئيس السلك الدبلوماسي: "في المنطقة المحيطة، تسعى إيران إلى منطقة قوية قائمة على التفاهم المشترك والأخوة والسلام. نحن بحاجة إلى نهج شامل قائم على استخدام جميع طاقات المنطقة".

واختتم حديثه قائلاً: "تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمن دول المنطقة أمنها، وتريد أن تكون "الثقة الدائمة" أساسا ومحورا للفضاء الجديد في هذه المنطقة. يجب علينا جميعا أن نلعب دورنا الإيجابي في هذه المنطقة، وأن نؤسس عقيدة جديدة للأمن والسلام والازدهار والتقارب".


| رمز الموضوع: 410751