الاثنين 19 ذوالحجة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

"إسرائيل: كيان مأزوم يقترب من حافة التفكك وسط عزلة دولية وانقسام داخلي متصاعد"

يدور صراع كبير داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية في ظل هذا المشهد المتشظي، إذ يرى البعض إن إسرائيل أمام خيار النصر ويرى أخرون أنها أمام خيار التراجع و العزلة الدولية.

الحرب لم تعد حربًا على غزة فقط، بل أصبحت صراعًا على صورة الدولة المزعومة ومكانتها في العالم ، كل يوم تأخير في التوصل لحل سياسي، تزداد الكلفة، ليس فقط من دماء الأبرياء، بل من مستقبل إسرائيل كدولة في النظام الدولي.

 

يري المراقبون انه مع اقتراب الحرب علي غزة من إكمال عامها الثاني، تتكشّف ملامح أزمة شاملة يعيشها كيان الاحتلال الإسرائيلي، تمتد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي داخليًا، إلى عزلة سياسية خانقة على الساحة الدولية، وسط تصاعد الأصوات التي تحذّر من تحول إسرائيل إلى دولة مارقة متورطة في جرائم حرب، ومعزولة عن النظام العالمي.

 

الإدانة عالمية 

 

ما بدأته حكومة بنيامين نتنياهو كحرب تحت شعار "القضاء على حماس"، بات اليوم عبئًا سياسيًا وأخلاقيًا على إسرائيل، التي تواجه موجات متتالية من الإدانة الدولية، وتراجعًا غير مسبوق في صورتها عالميًا.

 

فالمشاهد المتكررة للدمار واسع النطاق في غزة، والمجازر بحق المدنيين، دفعت شرائح واسعة من الرأي العام الدولي إلى اعتبار إسرائيل دولة معتدية ومنتهكة للقانون الدولي.

 

ويدلل المراقبون على ذلك من تحول الجامعات الغربية الى ساحة لحملات المقاطعة الأكاديمية لاسرائيل، بينما تتحول عواصم العالم الكبري الى ساحات ومظاهرات تندد يوميًا بالسياسات الإسرائيلية، مطالبة بفرض عقوبات صارمة. حصار ذاتي ويري المحللون ان الجبهة الداخلية في إسرائيل، لا تقلّ فيها الصورة سوداوية.

 

فالاقتصاد الإسرائيلي يعاني من نزيف حاد، حيث ارتفعت معدلات البطالة، وتقلّصت الاستثمارات الأجنبية، وتراجع معدل النمو بشكل مقلق. وقد أشار تقرير صادر عن مراكز بحثية محلية إلى انخفاض حاد في ثقة المستثمرين، مع إلغاء العديد من المشاريع الدولية بسبب الأوضاع الأمنية والضبابية السياسية.

 

من جانبه حذر الزعيم المعارض يائير غولان في تصريحاته الأخيرة من أن إسرائيل لم تعد على طريق النصر كما تدّعي الحكومة، بل تسير نحو انهيار اقتصادي واجتماعي بسبب غياب رؤية سياسية، واستنزاف غير مسبوق في الإنفاق العسكري والمخصصات الموجهة للمستوطنات والأحزاب الدينية. ويشار إلى أن من أخطر المؤشرات على تدهور الوضع الإسرائيلي، ما يراه مراقبون من احتمال فقدان الدعم الأميركي السنوي البالغ 3.8 مليارات دولار، الذي يُعتبر العمود الفقري للمنظومة العسكرية الإسرائيلية.

 

هذا الدعم، الذي كان في السابق غير قابل للنقاش، بات اليوم موضوعًا مثيرًا للجدل داخل الكونغرس الأميركي، خاصة لدى الجناح التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، الذي يرى أن استمرار الدعم بدون شروط يعني التواطؤ في جرائم الحرب.

 

 حكومة متطرفة أشار غولان بوضوح إلى أن نتنياهو خسر ثقة واشنطن، بسبب اختياره التحالف مع رموز يمينية متطرفة كـ" سموتريتش وإيتمار بن غفير، بدلًا من تبني خطاب سياسي واقعي، منوهاً أن نتنياهو وفشل في استثمار العلاقة الإستراتيجية مع البيت الأبيض.

 

والغريب ان التحذيرات لا تقتصر على المعارضين، بل تأتي أيضًا من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. إذ حذر مسؤولون عسكريون كبار من أن استمرار الحرب دون مخرج سياسي سيقود إسرائيل نحو العزلة الدولية.

 

وأكدوا أن العمليات العسكرية في غزة لم تعد تحقق أي إنجازات جديدة، وأنه لا بد من ترجمة هذه العمليات إلى نتائج سياسية، وهو ما ترفضه حكومة نتنياهو لأسباب داخلية مرتبطة بتركيبتها اليمينية المتطرفة.

 

في هذا السياق، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن هؤلاء المسؤولين أن "عدم التوصل إلى اتفاق سيعزل إسرائيل دوليًا"، في إشارة إلى التململ المتزايد حتى من قبل حلفائها، ومنهم الرئيس ترامب، الذي أبدى مؤخرًا دعمًا إنسانيًا لغزة ودعا إلى إيجاد حلول جذرية.

 

دولة مارقة

 

مع اتساع رقعة الغضب العالمي، تتعرض إسرائيل لما يشبه النبذ الدولي التدريجي، حيث لم تعد تتمتع بالحصانة السياسية والدبلوماسية التي ميزتها في العقود السابقة. اليوم، أصبحت في نظر الكثيرين دولة ترتكب جرائم حرب، وترفض الخضوع للمحاسبة الدولية، وتحتمي بخطاب قومي ديني يبعدها عن لغة القانون الدولي. منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش كثفتا تقاريرهما عن الانتهاكات في غزة، بينما تُرفع دعاوى قضائية في محاكم دولية بحق مسؤولين إسرائيليين.

 

وهذه مؤشرات خطيرة، توحي بأن إسرائيل باتت في طور التحول من دولة "ذات خلافات" إلى دولة "خارجة عن القانون".

 

ويخشى المجتمع الإسرائيلي الذي يعيش اليوم حالة تآكل داخلي متسارع. من جهة، و أزمة ثقة بين المواطن والحكومة، ومن جهة أخرى، حالة عزلة خارجية تهدد القطاعات الاقتصادية والعلمية والدبلوماسية.

 

هذه العزلة ليست سيناريو محتملًا في المستقبل البعيد، بل حقيقة تتشكل يومًا بعد يوم. وبحسب غولان، فإن "إنقاذ إسرائيل من الحكومة الحالية بات ضرورة ملحة"، لأن استمرار هذه السياسات قد يجعل من إسرائيل "مكانًا أكثر صعوبة للعيش فيه"، دولة محاطة بالأعداء، مكروهة عالميًا، ومتورطة في دماء شعب محاصر منذ عقود.

 

 


| رمز الموضوع: 404134







المستعمل تعليقات

الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)